منتديات موزيكا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات موزيكا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المقومات الجغرافية للدولة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زيراوي

زيراوي


عدد الرسائل : 1498
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/08/2007

المقومات الجغرافية للدولة Empty
مُساهمةموضوع: المقومات الجغرافية للدولة   المقومات الجغرافية للدولة Icon_minitimeالسبت 05 يناير 2008, 8:34 pm

المقومات الجغرافية للدولة
تعرف
الدولة بأنها مجموعة من البشر تعيش في إقليم محدد و تدين بالولاء لسلطة
واحدة لها السيادة على الأرض و الناس ، و أول ما يميز الدولة أن تقوم على
قطعة أرض لها حدود و أن تبسط قوانينها على سكانها ، أما الأرض فيحدد
امتدادها و مساحتها الحدود السياسية المقررة و التي تفصلها عن الوحدات
السياسية المجاورة ، و تكتسب أرض الدولة قيمتها من الموقع الجغرافي و مما
يتوفر من ثروات طبيعية يتاح للناس استثمارها و تسخيرها لمنفعتهم و تقدمهم
. و بناء على ذلك فإن للوحدة السياسية ( الدولة ) ثلاث مقومات جغرافية هي :

أولاً : المقومات الطبيعية : و تمثل بالظروف الطبيعية و تتألف من :
1- الموقع :
يحدد موقع كل دولة على سطح الأرض فلكياً
بواسطة خطوط الطول و دوائر العرض ، و هنا يظهر دور الموقع الفلكي و تأثيره
في الأحوال المناخية و النباتية و الحيوانية للدولة . و يدرس الموقع من
حيث علاقته بكتل اليابس و الماء ، أي أن الموقع إما أن يكون داخلياً أو
بحرياً له جبهة أو أكثر على البحر ، و هناك الموقع بالنسبة للدولة
المجاورة و مراكز الثقل الحضاري من العالم و طرق المواصلات الرئيسية إذ أن
هذه العناصر هي التي تحدد أهمية الموقع الجغرافي .

و تدرس قيمة الموقع الجغرافي أيضاً من حيث
علاقته بتوزيع اليابسة و قربه أو بعده من البحار فالدول بحرية أو قارية ،
و الدول البحرية بعضها جزري لا تشترك مع جيرانها بأي حدود برية كالجزر
البريطانية و اليابان و قبرص ، و بعضها قاري بعيد عن البحار مثل منغوليا و
سويسرا و هنغاريا و بعضها الآخر يطل على بحر واحد و منها ما يطل على بحار
متعددة و أخرى تطل على بحار هامة أو محيطات كأسبانيا و الولايات المتحدة
الأمريكية بينما روسيا تطل على مجموعة من البحار بعضها قليل الأهمية
لتجمده مدة من الزمن خلال السنة مثل المحيط المتجمد الشمالي و بحر البلطيق
، حتى سواحلها الشمالية الشرقية المطلة على المحيط الهادي تشهد التجمد مدة
من الزمن خلال العام ، و البحر الدافئ الوحيد الذي تشرف عليه الأرض
الروسية هو البحر الأسود في الجنوب و هو شبه داخلي بسبب تحكم تركيا
بمداخله نحو البحر المتوسط من خلال مضائق البوسفور و الدردنيل . و لا
تقتصر قيمة الموقع البحري على الناحية الإستراتيجية و إنما تتعدى ذلك إلى
الأهمية الاقتصادية للثروات البحرية من أسماك و موارد أخرى للثروة .

يتصل بالموقع ما يسمى بالتوجيه الجغرافي و
هذا يتوقف على توزع الظاهرات التضاريسية فسلسلة الجبال المشرفة على المحيط
الأطلسي في شبه جزيرة اسكندنافيا جعلت توجيه نشاط سكان النرويج نحو البحر
لوجود الغابات و عدم وجود سهول ساحلية يمكن أن تزرع و كذلك الحال في جزر
اليابان .

و موقع الدولة سواء كان برياً أم بحرياً
أم جزرياً يوجه إلى حد كبير سياستها الخارجية ، فالموقع الداخلي لألمانيا
دفعها إلى حربين عالميتين لمحاولة الوصول إلى البحار و الحصول على
المستعمرات .

و الحقيقة أن الدولة القارية التي ليس لها
منفذ بحري تكون أسيرة الدول البحرية و خاصة في حالات الخلافات الحادة و
الحروب مثل زامبيا و تشاد و هنغاريا و منغوليا .

2- المساحة :
تعد مساحة الدولة معياراً مهماً لقوتها و
أهميتها ، فالمساحة الواسعة تعني وجود كميات و أنواع من الموارد أكبر مما
تحويه المساحة الصغيرة ، كما تسمح باستيعاب عدداً أكبر من السكان ، و تهيئ
الفرص و الإمكانات للإنتاج المتنوع مما يكفل بدوره توازناً أفضل في النمو
الاقتصادي و السياسي للدولة .

و تعد المساحة الكبيرة إذا كانت مقترنة
بكثافة سكانية مرتفعة و بموارد طبيعية وافرة و مستغلة بطريقة علمية منظمة
مصدر قوة للدولة تضعها في مصاف الدول الكبرى كما هو الحال بالنسبة
للولايات المتحدة الأمريكية .

و لكن المساحة وحدها لا تكفي كعامل حاسم
في تقرير قوة الدولة أو ضعفها فالصين و الهند و البرازيل و استراليا ذات
مساحة شاسعة لكنها لم تصل في تنظيمها الداخلي بعد درجة تؤهلها لاستغلال كل
إمكانياتها الاقتصادية كما في الولايات المتحدة الأمريكية ، و بالمقابل
هناك دول صغيرة و لكن لها وزن في الشؤون الدولية مثل سويسرا و الدنمارك ،
فبالرغم من صغر مساحتهما إلا أن هناك ظروفاً أكسبتهما مركزهما الدولي
الممتاز ، و من جهة أخرى يلاحظ أن الدول الصغيرة المساحة لا يمكن أن تكون
دولاً عظيمة ذات أثر حاسم في السياسة الدولية .

تصنف الدول عادة من حيث المساحة إلى دول
عملاقة تزيد مساحتها عن ثلاثة ملايين كم2 كروسيا و الصين و الولايات
المتحدة الأمريكية و البرازيل و استراليا و الهند ، و دول كبيرة تزيد
مساحتها عن مليون كم2 مثل الجزائر و الأرجنتين و السودان و المملكة
العربية السعودية و ليبيا ، و دول متوسط المساحة مساحتها بين 200 و 100
ألف كم2 و دول صغيرة المساحة تتراوح بين 10 و 20 ألف كم2 و أخيراً الدول
القزمية التي تقل مساحتها عن 1000 كم2 مثل دوقية لوكسمبورغ و إمارة موناكو
و الفاتيكان و البحرين . و معظم الدول في العصر الحاضر تقع بين دول صغيرة
و متوسطة و كبيرة ، أما الدول العملاقة و القزمية فإنها محدودة العدد .

و أخبراً يجب التمييز بين المساحة المنتجة
و المساحة الغير صالحة للإنتاج ، ففي مصر مثلاً تبلغ مساحة الأرض الصالحة
للزراعة نحو 2.5% من المساحة الكلية البالغة مليون كم2 ، و من الطبيعي أنه
إذا لم تكف المساحة المنتجة لإعالة السكان فإن الدولة سوف تعتمد على الدول
الأخرى في إعالة سكانها و في هذا إضعاف للدولة من الناحية الاقتصادية و
السياسية .

3- الشكل :
إن الشكل المثالي للدولة أن تكون متماسكة
متصلة الأجزاء بحيث لا توجد نتوءات من الدولة داخلة في جسم دولة أخرى أو
العكس ، لأن الشكل الذي لا يكفل التماسك بين الأجزاء التي تتألف منها
الوحدة السياسة ينطوي على معنى من معاني الانفصال ، و من ثم يترتب على ذلك
صعوبات اقتصادية و إستراتيجية أو قد يؤثر على الأحاسيس و العواطف التي تشد
ولاء السكان و على عمق الإيمان بالفكرة أو الأفكار التي يستند إليها وجود
الوحدة السياسية .

قليلة هي الدول التي تأخذ أراضيها الشكل
المندمج و إنما المتعارف عليه أن أشكال الدول تختلف بين الشكل المتطاول
كما هو الحال في النرويج و تشيلي و الشكل المتناثر مثل اندونيسيا و
اليابان أو الشكل المتقطع مثل اليونان ، و من الطبيعي أن مثل هذه الأشكال
لها عيوبها ، حيث أنها تجعل الحدود طويلة يصعب الدفاع عنها.

لقد كان لشكل الدولة في الماضي دوراً
كبيراً في الدفاع عنها ، أما في الوقت الحاضر و أمام التفوق الكبير في
القوة الجوية و الأسلحة النووية فلم يعد لشكل الدولة الأهمية الإستراتيجية
السابقة .

و مع ذلك فإن شكل الدولة لا يزال له قيمة
في النمو الداخلي و في أداء الدولة لوظائفها ، فالشكل الملموم الذي يتخذ
شكلاً دائرياً أو مربعاً يُسهل مهمة الاتصال بين المركز و الأجزاء
المتطرفة من الدولة مما يُسهل توزيع السلطة بقدر متساوي إلى أقصى حد ، كما
يساعد على إنشاء و إدارة شبكة كاملة للنقل و المواصلات نتيجة قصر المسافات
الداخلية و اقتراب الأطراف من المركز ، كما و تتميز الدولة بهذه الحال
بقصر حدودها و هذه ميزة إستراتيجية لأنها تقلل من نقاط الضعف .

تظهر عيوب و مساوئ الأشكال المتطاولة و
المتناثرة و المتقطعة للدولة في خلق صعوبات جمة أمام الحكم المركزي و بسط
سلطة العاصمة على الأطراف ، كما أنه يضع العراقيل أمام التنمية الاقتصادية
و التماسك الداخلي للدولة ، و لهذا تنزع بعض الأجزاء المتطرفة إلى
الانفصال لأنها لا تشعر برابطة الانتماء إلى الدولة شعوراً حقيقياً عميقاً
و تقدم اندونيسيا و الفلبين أفضل الأمثلة على ذلك .

4- التضاريس :
إن معظم الدول تضم أشكالاً متباينة من
التضاريس كالسهول و الجبال و الأنهار ، و للتضاريس تأثير كبير على الدولة
فهي تؤثر بشكل مباشر في المواصلات و الإنتاج ، كما أنها تؤثر على الحدود
السياسية و كثافة و توزع السكان و هذا كله يؤثر في وضع الدولة السياسي ،
فالأراضي السهلية هي أفضل المناطق للاستثمار الاقتصادي ، حيث تكون الأرض
ملائمة لإقامة المصانع و إنشاء المزارع ، و لكنها من جهة أخرى سهلة
الاكتساح و الغزو من الخارج إلى جانب كونها موطن النشاط و العمران ، لذلك
كثيراً ما كانت السهول ميداناً للتنافس بين الدول كسهول أوربا .

و على العكس من السهول التي هي مناطق
اختلاط و امتزاج جنسي و لغوي و ثقافي تمثل المناطق الجبلية مناطق عزلة
جنسية و لغوية و ثقافية ، كما تمثل حاجزاً يحول دون التوسع و الانتشار
السكاني ، وقد كانت الدول الجبلية أو الأجزاء الجبلية من الدول منذ زمن
طويل ملاذاً للجماعات المستضعفة أو المغلوبة التي تنشد الحماية من أولئك
الذين يتسلطون عليها .

بالإضافة إلى ذلك فإن المناطق الجبلية
كثيراً ما تتوفر فيها موارد عظيمة من الأخشاب و المعادن و القوى المائية
التي استغلها الإنسان في تنمية قوة الدولة سياسياً و اقتصادياً ,

و يعد النظام الهيدروغرافي للدولة وثيق
الصلة بطبوغرافيتها ، فهو يصرف مياهها كما يوجه و يحدد خطوط طرق المواصلات
و النقل فيها ، و لهذا ترتبط طرق التوسع و الانتشار الإقليمي بالنظام
الهيدروغرافي ، و تلعب الأنهار كذلك دوراً مزدوجاً في تطور الدول و في
نشاطها الداخلي معاً .

فمن جهة اُتخذت الأنهار حدوداً بين الدول
منذ العصور القديمة نتيجة لسهولة تحديدها من جهة و لأنها مظاهر ثابتة
نسبياً و تكون مناطق دفاعية من جهة أخرى ، و منذ القديم كانت الأنهار و ما
تزال تمثل عوامل ربط و توحيد لأنها هي و أوديتها توفر عادة أسهل الطرق
لانتقال الإنسان و في المناطق الجافة تمثل شرايين الحياة المتدفقة كما هو
الحال في وادي النيل و واديا دجلة و الفرات .

و هكذا فالأنهار بصفتها طرقاً عامة و
حدوداً أو موارد للري و الطاقة تمثل عنصراً هام ً و حدوداً أو موارد للري
و الطاقة تمثل عنصراً هاماً في الجغرافيا السياسية للدول ، و كثيراً ما
يؤدي الصراع من أجل التحكم في الأنهار المشتركة إلى توتر العلاقات الدولية
.

5- المناخ :
هو أحد العناصر الطبيعية التي تؤثر في
حياة الإنسان و نشاطه بصورة مباشرة ، وما من شك في أن التقدم الذي أصابته
بعض الدول إنما يرجع في بعض أسبابه إلى موائمة المناخ فيها لنشاط الإنسان
و عدم وجود التطرف المناخي الذي من شأنه أن يؤثر في مقرته الجسمية و
العقلية ، أما تأثر المناخ المباشر فيتجلى في خصب و تنوع أو ندرة و قحولة
الحياة النباتية و الحيوانية ، ففي البلاد الباردة يصرف الإنسان أكثر وقته
على المحافظة على حياته من البرد و المناخ يحدد نوع الغذاء و طريقة الحياة
و مشروعات الري و كذلك كمية و نوعية الموارد الاقتصادية ، لذلك نلاحظ أن
أكثر الشعوب نشاطاً و حيوية و أعظم الدول قوة و حضارة تنحصر في المناطق
ذات المناخ المعتدل الذي يتصف بالتغير الفصلي مثل مناخ دول أوربا الغربية
و دول حوض البحر المتوسط ، كما أن تباين المناخ في الدولة الواحدة يكسبها
تنوعاً في الإنتاج النباتي و الحيواني مما يؤدي إلى توفير الغذاء للسكان
بقدر كافي و متوازن و هذا من أهم الأهداف الأساسية للتنظيم الداخلي للدولة
.

و يؤثر المناخ أيضاً في حركة الأفراد و
السلع و الأفكار ، فقد تفصل الحواجز المناخية الشاسعة بين المجموعات
السكانية ، و الحقيقة أن للمناخ دوراً كبيراً في الحياة الاقتصادية و
الاجتماعية و السياسية للدولة ، و إنه من الأهمية بمكان أن تُحسن الدولة
الاستفادة من إمكانيات المناخ فتستثمر إيجابيته إلى أبعد الحدود و تعرف
كيف تخفف من آثاره السلبية .

6- الثروات الطبيعية :
إن ما تضمه أرض الدولة في جوفها من ثروات
و ما يعطيه سطحها من غلاة يعد من أهم العناصر الطبيعية في تطور و تقدم
المجتمع و في قوة الدولة و توازنها و يمكن حصر الموارد الطبيعية في ثلاثة
بنود :

أ- الموارد المعدنية : و تشمل المعادن المختلفة و أشباه المعادن و موارد الطاقة.
ب- النبات الطبيعي : و يشمل الغابات و المراعي و مختلف أنواع الأعشاب .
ج- الموارد الحيوانية : بحرية كانت أم قارية .
فإذا تواجدت هذه الموارد و تنوعت في دولة ما أتاحت الأسس المتينة لبناء الدولة القوية اقتصادياً و سياسياً .
و نظراً للتوزع غير العادل أو المتوازن
للموارد في أنحاء الأرض فإنه لا توجد دولة يمكنها أن تحقق لنفسها كفاية
ذاتية كاملة و لا سيما مع تقدم الصناعة و زيادة متطلبات الإنسان و التقدم
الحضاري ، حتى أن أكبر الدول مساحة و أقواها ( روسيا – الولايات المتحدة
الأمريكية ) رغم غناها بالموارد الطبيعية هي أيضاً بحاجة إلى بعض المواد
الأولية التي لا تتوفر داخل حدودها ، و لكن معظم الدول الكبرى تمتلك من
الثروات الطبيعية ما يتيح لها إقامة صناعات و زراعات متنوعة و الحصول على
الإنتاج الفائض الذي يسمح لها بالمتاجرة للحصول على الموارد التي تنقصها ،
أما الدول الصغرى فهي بحاجة إلى الكثير من الموارد لتطوير نفسها لذلك فإن
أكثرها يقع تحت رحمة الدول الكبرى .

و هناك من الثروات الباطنية كالبترول و
الفحم و الحديد ذات قيمة حيوية في بناء نهضة اقتصادية حديثة ، و مع ذلك
فقد تختلف قيمة مورد معين من زمن لآخر أو من دولة لأخرى نتيجة لاستهلاكه و
نفاذه أو نتيجة للتطور التكنولوجي أو الاختلاف الحضاري للسكان ، فإذا كانت
الثروة النباتية و بخاصة الغابات من أهم عوامل التطور الاقتصادي في القرون
الوسطى و ما قبلها كان الفحم الحجري و الحديد أهم عناصر النهضة
التكنولوجية في بداية الثورة الصناعية ، و اليوم نشهد الدور الهام الذي
يلعبه البترول كأهم مصدر للطاقة و أهم عنصر يدخل الصناعة الحديثة .

ثانياً : المقومات البشرية :
و تشمل كافة العوامل و العناصر المتعلقة بالسكان و الكادر البشري في الدولة و تضم :
1- عدد السكان و نموهم :
السكان هم ثروة الدولة البشرية و لهم صلة
وثيقة بقوة الدولة السياسية ، لذلك فإن التقويم الفعلي لهم يقود الباحث
إلى تقدير درجة الحيوية في الدولة تقديراً حقيقياً و كذلك تقدير حجم القوى
العاملة التي تتوفر لها ، كما أنه يساعد على معرفة مدى التناسق بين حجم
الكيان البشري و معدلات النمو و الزيادة ، و مدى تجانسها و انطباقها على
حجم الموارد المتاحة ، و معدلات النمو الاقتصادي ، ذلك أن حجم الموارد
المتاحة في الدولة و مساحتها لا تعني شيئاً إلا بالقياس إلى عدد السكان
الذين تضمهم و يسخرون جهدهم في استغلالها استغلالاً اقتصادياً مرضياً .

و يرتبط الأمر كذلك بالتوزع الجغرافي
للسكان و بالكثافات في مساحات الأرض التي تتضمنها الدولة ، لأن الخلل في
توزع السكان قد يؤدي إلى نقص بالطاقات و القوى العاملة في بعض المساحات ،
و هذا معناه أن تفتقد الدولة الميزة التي تبنى على الاستغلال المتوازن و
المتكافئ لكل مورد من الموارد المتاحة ، كما أن توزع الكثافات غير
المتكافئة قد يلعب دوراً هاماً في منعة و قوة الدولة ، ذلك أن افتقار
مساحات منها للسكان لا يؤثر على حجم استغلال الموارد فحسب بل يؤدي إذا ما
كانت هذه المساحات على أطرافها المتاخمة للحدود إلى نمط من أنماط الخلل في
انضباط إستراتيجية الدفاع و الهجوم .

و على كل حال فإن دراسة السكان و كل ما
يتصل بالتقدير الكمي لهم أمر هام في مجال تقويم الكيان السياسي ، و الأمر
لا يتصل بالعدد وحده بل قد يرقى إلى ما يتصل بالحيوية و تقدير حجم القوى
العاملة و درجة التجاوب بينها و بين العمل المطلوب لاستغلال الموارد
المتاحة في الدولة ، و من ثم نستطيع أن نحس أن السكان هم عصب الوحدة
السياسية من وجهة النظر الاقتصادية ، و من وجهة النظر العسكرية ، و هكذا
فإن الافتقار إلى السكان في الدولة قد يعوق التقدم الاقتصادي ، كما أن
كثرة السكان إلى حد الاكتظاظ قد يتسبب في ضغط شديد و استنزاف الموارد
المتاحة ، و هذا يعني التأثير المباشر أو غير المباشر على احتمالات التقدم
و النمو الاقتصادي ، و مع ذلك فإن الافتقار و الخلل و الازدحام و الاكتظاظ
السكاني أمور نسبية تعلق بحجم الموارد المتاحة من ناحية كيفية استغلالها و
كمية الإنتاج من ناحية أخرى . و يمكن القول أن لعدد السكان و توزعهم و
نموهم وزناً كبيراً في وجود الدولة و ما قد تنزلق إليه من مشكلات تؤثر في
كيانها و على الأمن و الاستقرار و على درجة الرخاء و الرفاهية فيها ، فإذا
كانت معدلات الزيادة السكانية مسايرة و مناسبة لمعدلات النمو الاقتصادي
كان ذلك مدعاة للمحافظة على مستوى المعيشة عند حد معين ، أما إذا كانت
معدلات الزيادة أقل من معدلات النمو الاقتصادي فإن ذلك يعني الرفاهية ، و
تقدم الحياة الاقتصادية في الدولة .

إلا أن اعتبارات العدد وحده لا يصلح
أساساً في قياس الفعالية السكانية ، و إنما يرتبط ذلك أيضاً بمقدار نشاطهم
و حيويتهم و نسبة العناصر الشابة فيهم ، و العاملين منهم من الرجال و
النساء ، و متوسط أعمارهم ، و الفعالية السكانية لا تقل أهمية عن عدد
السكان ، ذلك أن قدرة السكان على المشاركة في بناء دولتهم و تطورها و
تقدمها يعد من أهم عناصر القوة للدولة . و من بين العوامل التي تسهم في
زيادة هذه الفعالية ارتفاع مستويات التعليم و التدريب الفني و تلاحم فئات
الشعب و تماسكها و وفرة العناصر القيادية و كفاءتها و مفاهيم السكان فيما
يختص بالحرية الفردية و المؤسسات الاجتماعية ، كذلك فإن الخبرة المكتسبة
في الماضي تستخدم بطريق مباشر أو غير مباشر في الاسترشاد في بناء الحاضر و
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://msilaedc.variousforums.net
زيراوي

زيراوي


عدد الرسائل : 1498
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/08/2007

المقومات الجغرافية للدولة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقومات الجغرافية للدولة   المقومات الجغرافية للدولة Icon_minitimeالسبت 05 يناير 2008, 8:36 pm

رسم صورة المستقبل .
2- الجنس و التكوين الإثنوغرافي :
حينما نقول أن مجموعة من البشر ينتمون إلى
جنس واحد فهذا يعني أنهم يتصفون بصفات جسمية معينة تميزهم عن غيرهم من
الجماعات البشرية ، و الحقيقة أم مثل هذه الجماعات أو السلالات لا يكاد
يكون له وجود في الوقت الحاضر ، و مع ذلك فإن من الممكن تقسيم البشر إلى
مجموعات بشرية كبرى كالجنس القوقازي و الجنس المغولي و الجنس الزنجي ، لكل
منها صفات خاصة يسهل التعرف عليها .

إن الهجرة المستمرة على نطاق واسع و
الزواج المختلط قد ترتب عليهم اختلاط الشعوب حتى كادت فكرة الجنس أن تصبح
بلا معنى في توزع أو تقسيم المجموعات البشرية على أساس المناطق التي
استقرت فيها أو التي قدمت منها .

إن أي شعب من الشعوب مكون من تضافر عدة
سلالات و امتزاجها و تداخل صفات بعضها في البعض الأخر ، و لا وجود
للسلالات النقية إلا فيما ندر بين أشد الشعوب البدائية في أكثر الأماكن
عزلة عن الاختلاط بغيرها من السلالات ، و هي في النهاية ضئيلة متخلفة
كشمال سيبيريا و التبت و غرب استراليا و شمال كندا .

و مع ذلك فما زال هناك تمييز واضح بين
العرق الأبيض و الأسود و الأصفر ، و وجدود مجموعات بشرية تنتمي إلى هذه
العروق في دولة واحدة و بأعداد كبيرة لا بد أن توجد فيها مشكلات اجتماعية
و اقتصادية و سياسية ، ففي الولايات المتحدة الأمريكية توجد مشكلة الزنوج
و في جنوب إفريقيا مشكلة الملونين .

و تختلف الدول من حيث تكوينها الإثنوغرافي
الذي قد يكون بسيطاً أو ملتئماً أو مركباً . أما التكوين البسيط فهو الذي
لا يلحظ فيه أي تنافر اثنوغرافي فتتمتع الدولة بتجانس كبير رغم تعدد
السلالات التي تكون قد دخلت في تكوين الشعب فالأمة العربية رغم أنها لم
تكوِّن وحدة سياسية واحدة بعد استطاعت أن تصهر العديد من العناصر
الإثنوغرافية خلال تاريخها الطويل ، و لا يقلل من تجانس العرب وجود أقليات
صغيرة تتعرب بسرعة ، و الأمة الفرنسية أمة متجانسة رغم وجود ثلاث من
السلالات الأوربية الرئيسية ممثلة في داخلها ، فقد حدث الانصهار و التمثل
خلال تاريخ طويل بين العنصر الغالي و السلتي و العناصر النوردية ، و
امتزجت الثقافتان الغالية و الرومانية منذ وقت بعيد و كونت أصول الثقافة
الفرنسية الحديثة .

و تظهر قوة الأمة في تمثلها للعناصر التي
تدخل في تكونها ، فالأمة العربية استطاعت حتى في حالات ضعفها السياسي أن
تتمثل العناصر الثقافية الأقدم عهداً كالسريان في بلاد الشام .

و يتمثل التكوين الملتئم في دول العالم
الجديد ، إذ أن من السهل التعرف على عناصر السكان المختلفة دون عناء في أي
وحدة سياسية ، و إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية أقرب هذه الوحدات
إلى التجانس العنصري باستثناء الزنوج ، إذ استطاعت أن تفرض لغة واحدة
المهاجرين إليها و تكوين شخصية أمريكية خاصة بها . و يمكن اعتبار تكوين
البريطانيين ملتئماً ، فهناك ثلاث قوميات لغتها مميزة ، حيث أن لكل منها
لغتها الخاصة و هي الإنكليزية و الغالية و الاسكتلندية .

أما التكوين المركب فهو يميز الدول التي
لم تنضج قومياً بعد ، هذا التكوين يشبه تكوين العناصر التي لم تمتزج بعد و
ما زال كل منها يحتفظ بشخصيته الثقافية بل و ولائه القومي ، لذلك فإن هذا
التكوين يشكل مصدر ضعف للدولة و يخلق لها مشكلة الأقليات .

من الطبيعي أن يكون التركيب المتجانس
للسكان من الناحية العرقية و الإثنوغرافية مصدر قوة للدولة لأنه يجنبها
الكثير من المشاكل العرقية و القومية التي تدعو في بعض الأحيان إلى
الانفصال عن الدولة الأم .

3- اللغة :
لكل أمة مقومات ثقافية ، و تعد اللغة أهم
هذه المقومات إذ أنها تعبر عن آراء الأمة و تحمل تراثها القديم ، بل إن
اللغة وسيلة للتعبير و تشكل عقلية الأمة التي تتحدثها و حاجز اللغة أهم
الحواجز التي تفصل الشعوب عن بعضها .

و في العصر الحالي نجد توافقاً كبيراً بين
المجموعات اللغوية و الوحدات السياسية ، و قد يكون للدولة لغة خاصة بها لا
تشاركها فيها أية دولة أخرى مثل اليابان و السويد و إيران ، بينما توجد
لغتان رسميتان أو أكثر في دولة واحدة كما هي الحال في بلجيكا حيث اللغة
الفرنسية و الفلمنكية ، و سويسرا حيث الألمانية و الفرنسية و الايطالية ،
و من ناحية ثانية قد تتخطى اللغة حواجز الحدود الدولية و تسود في عدة دول
، فالألمانية تسود في ألمانيا و النمسا و جزءاً من سويسرا ، كما تسود
الأسبانية في معظم دول أمريكا اللاتينية ، و تسود اللغة الإنكليزية عدداً
كبيراً من دول العالم خارج بريطانيا و على رأسها دول الكومنولث و الولايات
المتحدة الأمريكية .

و في حالات كثيرة يكون عامل تعدد اللغات
في الوحدة السياسية من العوامل التي تتعارض مع تماسكها ، ولا سيما إذا كان
هذا العدد في اللغة مرتبطاً بالاختلاف العرقي و الثقافي ، ذلك أن اللغة
تقوم بدور أساسي في الجغرافية السياسية الداخلية للدولة باعتبارها وسيلة
للصلات الاجتماعية و نقل الأفكار و تكوين الرأي العام .

و اللغة العربية أقوى دعائم القومية بين
الدول العربية و عنصر هام من عناصر القوة و التماسك في النواحي السياسية و
الاقتصادية ، و تجعل اللغة العربية عنصر السكان متماسكاً بين جميع الدول
العربية بل و تكون حافزاً لإزالة الحدود السياسية المصطنعة و تحقيق الوحدة
القومية الواحدة ذات اللغة الواحدة ، كما هو الحال بالنسبة لغالبية
القوميات في العصر الحديث .

4- الدين :
إن الدين عامل قوي يرتبط في بعض الأحيان
بالقومية ارتباطاً مختلفاً ، و بالرغم من أهميته في بناء المجتمع إلا أنه
في المجتعات الحديثة لا يعد عاملاً حاسماً في تكوين القومية أو الدولة ،
بل إن اللغة هي أعمق أثراً في التمييز بين الشعوب و تكوين الدول ، لا يشذ
عن ذلك سوى اقتران الدين اليهودي بالقومية الصهيونية من ناحية ، و اقتران
الإسلامي بالقومية الباكستانية الجديدة من ناحية أخرى . و هذان هما
الكيانان الوحيدان في العالم ، باستثناء دولة الفاتيكان ، اللذان يقومان
على أساس الدين في الوقت الحاضر ، و على كل حال فإن الدين في وقتنا الحاضر
قد ضعف دوره في توجيه و تسيير السلطة السياسية في الدولة على عكس ما كان
يجري في الماضي حين كان الدين و الدولة شيئاً واحداً ، و كانت السلطة
الدينية و السلطة الدنيوية ممثلتين في الملك أو الرئيس ، فالدول الحديثة
دول علمانية في غالبيتها لا تخضع الحكومة فيها لسلطة الدين ، و إن كان
الدين في كثير منها يلعب دوراً رئيسياً في توجيه الرأي العام ، و قد أصبح
التسامح الديني أمراً مقبولاً و متفقاً عليه في المجتمع الدولي المعاصر ،
و لهذا فكثيراً ما يوجد عدد من العقائد أو المذاهب الدينية جنباً إلى جنب
في تعايش سلمي في إطار دولة واحدة كما كان الأمر عليه في الاتحاد السوفيتي
و كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحاضر حيث لم يعد
الدين قوة سياسية أو عنصراً قومياً في الدولة .

و إذا كان الدين يدعو إلى التسامح و ترابط
الناس و تعاونهم فإن الفروقات الدينية تسبب في بعض الأحيان تمزق الوحدات
السياسية و إثارة المشكلات بين الدول ، فالعامل الديني يكون محور التجمع و
سبب الانفصال الذي ينتهي إلى أغلبية و أقلية داخل الإطار العام للكيان
البشري . و ربما كانت النماذج التي تعبر عن الأقليات الدينية في دول أوربا
في القرن السابع عشر و الثامن عشر صادقة كل الصدق في قيام النتائج ، فقد
شعر البروتستانت بإحساس الأقلية بين أكثرية كاثوليكية مما دعاهم إلى
الهجرة إلى القارة الأمريكية و هناك أمثلة ليست بقليلة تصور الوجه الكئيب
للفروقات الدينية و المشكلات السياسية و الإنسانية التي نجمت عنها ، مثال
ذلك تقسيم شبه القارة الهندية إلى دول إسلامية و هندوسية ، و الحروب
الأخيرة في لبنان و الفلبين و نيجيريا و يوغسلافيا و التي تأخذ طابعاً
دينياً ظاهرياً على الأقل .

ثالثاً : المقومات الاقتصادية :
يقصد بالمقومات الاقتصادية الفعاليات
الاقتصادية التي يمارسها سكان الدولة من زراعة و صناعة و تجارة ، و دور كل
منها في الإنتاج القومي و القدرة الاقتصادية للبلاد ، كما تبين مدى
الاختلاف و التباين في النشاط الاقتصادي بين مختلف مناطق الدولة ، كما
تبحث في النظام الاقتصادي السائد و طرق المواصلات و وسائط النقل و مدى
كفايتها و توزعها .

إن الغنى الاقتصادي و حجم الثروة القومية
للدولة و حسن استغلال الموارد يحدد قدرة الدولة في المجالات السياسية و
العسكرية ، و بمعنى آخر فإن القوة الاقتصادية هي أداة القوة السياسية .

و في عالمنا المعاصر يعد الإنتاج الصناعي
و لا سيما إنتاج الصناعات الثقيلة أساس الاستقلال الاقتصادي و القوة
الوطنية لما له من تأثير مباشر على تنشيط الحياة الاقتصادية بشكل عام ، و
رفع مستوى معيشة السكان و تشغيلهم ، كما يكّون القاعدة لإنتاج المعدات و
الأجهزة الحربية و هي بهذا المعنى ضرورية لسيادة الدولة و أمنها .

الزراعة :

ليست بأقل شأناً من الصناعة في بناء القوة الوطنية و الكفاية الاقتصادية ،
فبعض الدول الغنية بصناعاتها تعاني من نقص في إنتاج الموارد الغذائية مما
يكّون نقطة ضعف خطيرة تتجلى بشكل خاص في أوقات الأزمات و الحروب ، كما حدث
لبريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية .

هذا و يمكن القول أنه ليست هناك دولة
تتمتع باكتفاء ذاتي من الموارد الغذائية بسبب الظروف المناخي المتباينة من
مكان لآخر على سطح الأرض ، فالدول مهما عظمت مساحتها لا يمكن أن تضم جميع
البيئات المناخية الملائمة لإنتاج جميع أنواع الغذاء الضرورية للإنسان في
الوقت الحاضر .

التجارة الخارجة :

بموادها كالإنتاج الصناعي و الزراعي دليل على ثروة الدولة ، ذلك أنه إذا
لم يكن ثمة فائض من بعض المنتجات الزراعية أو الصناعية أو الثروات
الطبيعية فإن التبادل التجاري مع الدول الأخرى يصبح غير ممكن أو يصبح
عملية خاسرة في غير صالح الدولة .

و من العوامل الاقتصادية الأخرى التي تتحكم في مستوى النشاط الاقتصادي في الدولة حجم أو اتساع السوق المحلية أو الداخلية
، فوجود السوق المحلية من أهم العوامل التي تشجع على الإنتاج الكبير و
المنوع و لا سيما إذا كانت القدرة الشرائية للسكان مرتفعة ، بينما تحد
السوق المحلية الصغيرة من التوسع في الإنتاج ، و قد كان البحث عن الأسواق
خارج الحدود السياسية للدولة السبب الرئيس في نشوء و تطور الاستعمار .

و هناك دول لا تستطيع الوصول باقتصادياتها إلى درجة الكفاية و القوة بسبب طبيعة مواردها الطبيعية ، فالنقص في الموارد الطبيعية
يمثل سبباً رئيسياً في ضعف البناء الاقتصادي للدولة ، و بنفس الوقت توجد
دولاً غنية بالموارد الطبيعية المتنوعة إلا أنها لا تستطيع استغلال هذه
الموارد إلا بالاعتماد على الخبرات و رؤوس الأموال الأجنبية ، و هذا ما
نشاهده بالنسبة لاستغلال النفط و القصدير و النحاس في بلدان العالم النامي
.

الجغرافيا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://msilaedc.variousforums.net
زيراوي

زيراوي


عدد الرسائل : 1498
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/08/2007

المقومات الجغرافية للدولة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقومات الجغرافية للدولة   المقومات الجغرافية للدولة Icon_minitimeالسبت 05 يناير 2008, 8:36 pm

و بالرغم من أن التباين و الاختلاف في
البيئات الطبيعية التي تضمها أراضي الدولة يكون مقيداً في ظروف تنظيم
اقتصادي متكامل ، فإنه قد يكّون بالمقابل من عوامل التفكك و الانفصال في
غياب التنظيم ، حيث توجد مناطق اقتصادية ذات مصالح و اتجاهات متضاربة ،
فالاقتصاد القائم على الاستخراج في شمال تشيلي لا يكمل الاقتصاد الزراعي
في وسطها أو الاقتصاد الرعوي الغابي في جنوبها ، فكل جزء من هذه الدول له
وجهته الخاصة و بالتالي فإن مصلحته تتضارب مع مصالح الأجزاء الأخرى .

و تعد المواصلاتركناً
أساسياً من أركان التكوين الاقتصادي للدولة ، و هي ذات أهمية كبيرة
للجغرافي السياسي لأنها تساعد في تنظيم الدولة و الشؤون الدولية على
السواء ، ولهذا كانت دراسة وسائل المواصلات تمثل ناحية هامة من نواحي
الجغرافية السياسية ، ذلك أن إنشاءها و نموها له علاقة بسياسات الدول
الداخلية و الخارجية ، و من خلال ارتباطها بالعوامل السياسية و
الإستراتيجية و الاقتصادية و الثقافية .

و بالمفهوم الجيوبولتيكي للدولة باعتبارها
تركيباً عضوياً فإن شبكة المواصلات فيها تشبه الدورة الدموية التي بدونها
لا يمكن بقاء الحياة في الكائن الحي ، فمن ناحية النمو الداخلي فإن
المواصلات و وسائلها تسهم في توحيد أجزاء الدولة و ربطها ببعضها مما يساعد
السلطة المركزية على فرض هيبتها و إشرافها على مختلف بقاع الدولة بشكل
فعال ، و رغم أن العوامل الطبيعية كالموقع و التضاريس و المناخ لها أثر
موجه على وسائل النقل إلا أن هذا الأثر أقل بكثير من أثر العوامل
الاقتصادية و الإستراتيجية ذلك أن مطالب الدولة الاقتصادية و الإستراتيجية
تلعب دوراً أعظم في تحديد النمط الداخلي للمواصلات من أية عوامل أخرى .

فمن الواضح أن الأقاليم المكتظة بالسكان و
خاصة إذا كانت على درجة عظيمة من التصنيع تحتاج إلى طرق مواصلات أكثر من
البلاد القليلة السكان ، كما أن نوع الاقتصاد يؤثر في المواصلات الداخلية
، فالدولة المنظمة تنظيماً عالياً و التي تتميز باقتصاديات متطورة و مناطق
اقتصادية متخصصة و مناطق إنتاجية متكاملة أكثر شعوراً بالحاجة إلى
المواصلات الكثيفة و السريعة إذ يتوقف هذا التنظيم المتكامل بين أنواع
النشاط الزراعي و الصناعي و التجاري على توفير هذه الوسائل و كفاءتهما ، و
لهذا فإن المواصلات الداخلية تمثل جزءاً من الإستراتيجية الاقتصادية للدول
، و هي تهدف من وراء هذه الإستراتيجية إلى توفير أقصى حد للكفاية في النقل
و الانتقال ، و بالإضافة إلى ذلك فإن الدولة تهتم بنفس الوقت بالعوامل
السياسية و العسكرية في نظم مواصلاتها و إن اختلفت الأهمية المعلقة على
هاتين الناحيتين اختلافاً كبيراً تبعاً لأهداف الدول المعنية .

- و انطلاقاً من كل النتائج التي ينتهي
إليها البحث في المقومات الطبيعية و البشرية و المقومات الاقتصادية للدولة
فإن بنيان الدولة و كيانها المتين يرتكز إلى قواعد و أسس تتمثل فيما يلي :

1- المساحة المعقولة التي تتناسب مع حجم
السكان و الشكل الذي يكفل لها الوضع السليم المتكافئ مع الأشكال التي
تتميز بها مساحات الدول المحيطة .

2- الحد الذي يصنع الإطار الفاصل فيتضمن
المساحة و يؤكد الفصل بينها و بين الدول الأخرى و دون أي تعارض أو تناقض
مع الواقع البشري و مصالح الناس ، و خير الحدود ما يضمن للدولة المنفعة و
يحقق لها الاستقرار و يبعدها عن مواقع الصراع و النزاعات .

3- الموقع الجغرافي الذي يحدد الوزن
الفعلي للدولة بين الدول الأخرى و يرسم دورها الذي تنهض به الشبكات
السياسية و الاقتصادية و الحضارية في العالم الذي يكتظ بالسكان و ما زال
ينغمس في المشكلات المتنوعة .

4- الغنى المتنوع في موارد الثروة
الطبيعية بما يكفل التوازن في البنية الاقتصادية و يفي بالحاجات التي تصنع
الرفاهية و الرخاء للكيان البشري فيها .

5- العدد الكافي من السكان الذي يتناسب مع
مساحة الوحدة السياسية و مع الثروة الطبيعية فيها بالإضافة إلى توزيعه و
نموه بما يلبي احتياجات الاستغلال الاقتصادي و يؤكد حالة التوازن و
التكافؤ بين السكان و النمو الاقتصادي .

6- التركيب الهيكلي المتجانس للكيان
البشري في الوحدة السياسية و الارتكاز إلى المقومات التي تلم شمل الناس و
تعمق الولاء فيهم للدولة ، و بالشكل الذي يجنبها أنماطاً من المشكلات
النابعة من الداخل و يشد من أزرها .

7- إن قيام نظام اقتصادي متكامل و متنوع و
متطور يكفل للدولة القوة السياسية و للشعب الرفاهية ، و إن تطور طرق
المواصلات و وسائل النقل يشكل حجر الزاوية في تنشيط الاقتصاد و ربط أجزاء
الدولة و تماسكها و حسن استثمار موارد الثروة بكافة أشكالها و صورها .

8- و مهما يكن من أمر فإن التحديد الأمثل
للدولة ليس من السهل تحقيقه ، و من ثم نجد أن مهمة الجغرافية السياسية
ليست سهلة أو طيبة بعد أن تجمع على سطح الأرض أكثر من 190 دولة ،
و قد
يكون التعقيد نتيجة لتوالد المشكلات التي لا تلبث أن تتشابك و تتداخل و
تفرض المتاعب على الدول ، و لعل الخطر الماحق هو النابع من واقع عدم
التناسق بين المجموعات البشرية في الدولة الواحدة ، أو من خلال الدخول في
مناقشات و مشاحنات تتفجر عنها مشكلات كبيرة ، و تتزايد مع التحول إلى
التكتلات التي تمزق العالم و تغرقه في دوامة لا نهائية من المشكلات
السياسية و الاقتصادية و تحيط الدول بحالات من القلق و الخوف الشديدين .


المصدر : إحدى المحاضرات التي ألقاها الدكتور عبد الرؤوف رهبان في جامعة حلب / كلية الآداب / قسم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://msilaedc.variousforums.net
 
المقومات الجغرافية للدولة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات موزيكا :: المواد التعليمية لمتوسطة المهدي ابن بركة :: الإجتماعيات :: الجغرافيا-
انتقل الى: