تاريخ الصومال ما قبل الإسلامالصومال بلد عريق في التاريخ إذ تدل الشواهد على وجود علاقات تجارية واقتصادية تربطه بالعالم القديم وحضاراته من جنوب الجزيرة العربية والصين ومصر القديمة والإغريق والرومان. وتعتمد الادله التاريخية على نتائج الآثار والانثروبولوجيا وعلم اللغة التاريخي، والتخصصات ذات الصلة. ومن الصعب تصنيف حقب تاريخية مؤكدة بسبب ندرة المراجع في هذا الجانب، ولكنا سنعتمد على ما تسعفنا به بعض الإشارات التي اكتشفت من هذا التاريخ.
• حقبة ما قبل الميلاد:الفترة الفرعونية: بدأت التجارة والتزاوج لحد الامتزاج مع الجزيرة العربية ومصر الفرعونية منذ ما قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام. كان قدماء المصريين يطلقون على هذه البلاد
“أرض البونت” ومعناه “أرض الآلهة” حيث كانوا يجلبون منها البخور والطيب لمعابدهم. ولم تقتصر علاقة الفراعنة بالصومال بإرسال السفن وجلب البخور للمعابد، بل تعدت ذلك إلى زيارات ملكية كزيارة ملكة مصر حتشبسوت، أشهر الملكات في التاريخ الفرعوني المصري، وخامس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، التي حكمت من 1503 ق.م. حتى 1482 ق.م. وهناك من المؤرخين من يعتقد أن أصل الفراعنة من بلاد البونت. وهناك تشابه في السمات وفي اللباس التقليدي الصومالي وفي بعض الكلمات، بل وحتى في المقابر القديمة المبنية على شكل الأهرامات في شمال الصومال. بل إن الختان الفرعوني منتشر حتى الآن لدى الصوماليين.
الدولة الحميرية والسبئية: تشير المصادر الإغريقية المكتوبة في القرن الأول الميلادي أن أزانيا أو المنطقة التي تقع فيها الصومال حاليا كانت واقعة تحت سيطرة مملكة سبأ التي نشأت في حدود القرن التاسع قبل الميلاد، وكان عليهم في ذلك الزمن ملك يسمى “كربئيل أو شربئيل ” Charibael، عاصمته مدينة “ظفار”. وكانت الثروة التي عرف بها السبئيون نتيجة الطيب والعطور التي كانوا يتاجرون بها من القرن الأفريقي.
•
حقبة ما بعد الميلاد:يعتقد أن الإغريق والرومان بدأوا التعرف على هذه المنطقة في القرن الأول الميلادي إذ أطلقو عليها “عزانيا Azania” كما أثبت ذلك المؤرخ G.W.B. Huntingford في ترجمته للـ”الكشاف حول البحر الأريتري” Periplus Maris Erythraei المؤلف في القرن الأول الميلادي من قبل الإغريق. ويشير المؤلف فيه إلى زيارته لأرض عزانيا سواحل أفريقيا الشرقية. ويعطي تفاصيل حول السكان والعادات وكذلك العلاقة الوطيدة التي تربطهم بالجزيرة العربية. ومن هنا كانت علاقات الرومان والإغريق مع “أزانيا” عبر التجار العرب الذين سبقوهم إلى هذه المنطقة، وتزاوجوا مع أهلها. أما الصينيون فكانوا يعودون منها بالزرافات والنمور والسلاحف ليزينو بها حدائق امبراطوهم.
•
مملكة أكسوم: الأكسوم أبناء عمومة للسبأيين جاءوا لاحقين للكوشيين وأنشأوا ممالك صغيرة في القرن الاول للميلاد في هضبة تجراي وأريتريا بعد أن اختلطوا بسكانها الأصليين. وتحولت إلى مملكة كبيرة في منتصف القرن الرابع الميلادي ولكن القبائل البدوية الرعوية استعصت عليهم ورفضت الانضمام إلى ملكهم.
واعتنق ملك الأكسوم “عيزان” الديانة المسيحية وتحولت المملكة كلها إلى هذه الديانة فأصبحت دين الدولة الرسمي. الا ان القبائل البدوية المعادية للمملكة منذ نشأتها لم تعتنق هذا الدين وظلت المملكة فى صراع مرير مع تلك القبائل شديدة البأس من قبائل الصومال وأورومو والعفر والبجة. وحال ذلك دون تحقيق حلم حكام اكسوم من ان تصبح مملكتهم مملكة بحرية، وظلت المملكة محاصرة فى الهضبة الى ان اجتاحتها بقوة قبائل البجة التى قضت علي وحدتها فى القرن الثامن الميلادى. ولكن هذ القبائل لم يكن لها مركزية أو تنسيق في صراعها مع المملكة